تاريخ الـكِـتـابـة الـعـربـيـة الـفـصـل الأوَّل-زكرياء قاسم وعلي(بروكسيل - بلجيكا)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

تاريخ الـكِـتـابـة الـعـربـيـة
الـفـصـل الأوَّل

  زكرياء قاسم وعلي    

 - أولا: أَصْـلُ الـكِـتـابـة الـعـربـيـة بـيْـن الأُسْـطـورة و الـنُّـقـوش الأَثَـرِيـة.        
أ- أصـل الـكِـتـابـة الـعـربـيـة مـن خـلال الأسـطُـورة و الإخـبـاريـيـن.                         
ب- أصـل الـكِـتـابـة الـعـربـيـة مـن خـلال الـنُّـقـوش الأثَـريـة.                                  
الْـخَـطُّ الـجَـنُـوبـي: خَـصَـائِـصُـهُ و مُـمَـيِّـزَاتُـهُ الـخَـطُّ الـشَّـمَـالِـي: خَـصَـائِـصُـهُ و مُـمَـيِّـزَاتُـهُ: بـيْـن الـسُّـريـانـيـة و الـعـربـيـة. بـيْـن الـنَّـبَـطِـيَّـة و الـعـربـيـة.  
ت - الـنُّـقُـوشُ الـعَـرَبـيـة قـبْـل الإِسـْلام: نَـقْـش زَبَـد نَـقْـش أَسِـيـس. نـقْـش حَـرَّان. نَـقْـش أُم الـجِـمـال الـثـانـي.                                                                 
ثـانـيـا: الـكِـتَـابَـة فـي الـمَـرحـلـة الإسـلامـيـة 610 / 661.
أ- قُـبَـيْـل الإسـلام
ب - ظُـهـور الإسْـلام: الـفَـتْـرَة الـنَّـبَـويـة ( 610 / 632 ).
ت - ظُـهـور الإسْـلام: الـعَـصْـر الـرَّاشِـدي ( 632 / 661 م ). عهـد أبـي بـكـر،  عـهـد عُـمـر بـن الـخـطـاب و عـهـد عـثـمـان بـن عـفّـان: مـن الـقـرآن إلـى الـمُـصـحـف، عـهـد عـلـي بـن أبـي طـالِب.
ج - نُـصُـوصٌ و خُـلاَصَـاتٌ.
ثـالِـثـا: الـكِـتابـة فـي الـعَـصْـر الأُمَـوِي (40-132 هـ /661-750م)
أ- ظُـهـور الـشَّـكْـل / الـنَّـقْـط فـي الـكِـتـابـة.
ب- أَبُـو الأَسْـوَد الـدُّؤَلِـي ( تُـوفِـيَ 69 هـ/ 689 م) و تَـعـمـيـم الـشَّـكْـل.
ت - تَـلاَمِـيـذُ أبـي الأسـود: ظُـهُـورُ الـشَّـدَّة.
ج - بَـعْـضُ الْـنُّـصُـوصِ الأُمَـوِيَّـة.
رَابـِعـا: الْـعَـصْـر الْـعَـبَّـاسـي الأَوَّل (132- 232 هـ / 750- 846 م).
أ- الإِعْـجَـام.
ت - الـشَّـكْـلُ: الْـخَـلِـيـلُ (تـوفـي 175 هـ/ 792م) و الْـحَـلُّ الـنِّـهَـائِـي.

الـفـصـل الأوَّل
نشأة الـكِـتـابـة الـعـربـيـة

مـقـدِّمـة: كَـثـيـرون هم الذين لا يـمـيَّـزون، بـيْـن الـكِـتـابـة و الـخـط، و سـوف يـعـتـقـدون أنّـنـا سـوْف نـتـحـدّث عـن الـخـط كـفـنّ. كـنـا نـتـمـنَّـى ذلـك لـكـنـه لـيْـس بـإمـكـانـنـا. سـوْف نـتـطـرَّق إلـى الـكِـتـابـة الـعـربـيـة كـأَداة تَـعـبـيـر و تـواصُـل، دون الـتـطـرُّق إلـى جـانِـبـهـا الإبـداعـي الـزُّخـرفـي الّـذي هـو الـخـط. و أوّل سـؤال نـبـدَأ بـه هـو عـن أصـل الـكِـتـابـة الـعـربـيـة مـن أيْـن جـاء؟                                                                         
أوَّلا: أَصْـلُ الـكِـتـابـة الـعـربـيـة بـيْـن الأُسْـطـورة و الـنُّـقـوش الأَثَـرِيـة.

فـي بـحـثـنـا عـن جُـذور الـكِـتـابـة الـعـربـيـة يُـمـكـنـنـا الـحَـديـث عـن مُـقـارَبـتـيْـن اثنتين: الأُولـى هـي مُـقـاربـة أُسـطـوريـة لـيْـسـت لـهـا أيـةُ قِـيـمـة عِـلـمـيـة. و الـثـانـيـة هـي مُـقـاربـة عِـلـمـيـة تـاريـخـيـة أثـريـة.                                                       

أ- أصـل الـكِـتـابـة الـعـربـيـة مـن خـلال الأسـطُـورة و الإخـبـاريـيـن.

تـكـاد تـخـتـصـر هـذه الـمُـقـاربـة تَـفـسـيـرهـا لأصـل الـكِـتـابـة الـعـربـيـة، بـقـوْلـهـا: " إنّـهـا وحـي مـن اللـه" و هـو "تَـفـسـيـر" يـؤوِّل آيـتـيْـن قـرآنـيـتـيْـن مـن سـورة الـبـقـرة لـيْـس إلاّ.    
- الآيـة 31:" وَ عَـلَّـم آدَمَ الأَسْـمَـاءَ كُـلَّـهَـا ثُـمَّ عَـرَضَـهُـمْ عَـلَـى الـمَـلاَئِـكَـةِ"
- الآيـة 33:" قَـالَ يـا آدَمُ أَنْـبـِـئْـهُـمْ بـِأَسْـمـائِـهِـمْ"
 لـن نـدخُـل فـي نِـقـاش حـوْل صِـحـة هـذا الـتَّـأويـل أو عـدم صـحـتـه و نـكـتـفـي بـالـقـوْل إن مَـفـهـوم الـوحـي الإلـهـي الَّـذي أنـتـج الـكِـتـابـة لا يـدخُـل فـي سِـيـاق الـعـلـم لـسـبـب بَـسـيـط هـو عـدم إمـكـانـيـة دِراسـتـه.                                                            
هـذه الـمُـقـارَبـة الّـتـي تـجـعَـل الـكِـتـابـة الـعـربـيـة ذات مَـصـدر خـارجـي غـيْـر إنـسـانـي, نـجـدهـا فـي كِـتـابـات مَـجـمـوعـة مـن إخـبـاريـيـنـا وأهـمـهـم:                                
- الـقَـلْـقـشـنـدي فـي كِـتـابـه " صُـبْـحُ الأَعْـشَـى فـي صِـنـاعـة الإنـشـاء" ج3 ص 10 يـدَّعـي أنّ آدم هـو أول مـن كـتَـب بـالـعـربـيـة.
- ابـن عـبـد ربـه الأنـدلـسـي فـي كِـتـابـه " الـعِـقْـدُ الـفَـريـد" ج3 ص157 يـزعُـم أنّ الـنـبـي إدريـس هـو أول مـن كـتَـب بـالـعـربـيـة. ثـم يـعـود، أسـطُـرا بـعـد ذلـك، لـيـقُـول إنّ الـنـبـي إسـمـاعـيـل هـو أول مـن كـتَـب بـالـعـربـيـة.                                                     
- مـحـمـد بـن جَـريـر الـطَـبَـري فـي كِـتـابـه" تـاريـخ الـرُّسُـلِ و الـمُـلُـوكِ" الـمَـعـروف أيـضـا تـحـت عِـنـوان " تـاريـخ الأُمَـمِ و الـمُـلُـوكِ" ج1ص167 يـزعُـم أنّ "وّخْـنُـوخ - إنُـوخ؟" هـو أول مـن كَـتَـب بـالـعـربـيـة.                                                                               
تَـعـلـيـق: مـا يـقُـولـه الإخـبـاريـون يُـثـيـر انتباهنا مـن جـانِـبـيْـن:
 الأوّل: هـو كَـوْن الـسـؤال الَّـذي يَـطـرَحـونـه عن (أول مـن كـتـب) سـؤال لا مَـعـنـى لـه، بـحـكْـم أنّ الـكِـتـابـة لا يُـمـكـن أنْ تـكُـون مـن اختراع إنـسـان واحـد حـتـى و إنْ كـان نـبـيـا.
 والـثـانـي: هـو كـوْن الـتـضـارُب فـي الآراء راجـع إلـى ضُـعـف الـنـقـد الـتـاريـخـي فـي كِـتـابـاتـهـم. فـهـم يُـعـطـون الـخـبـر كـمـا نُـقِـلَ إلـيْـهـم دون تَـدقـيـق. و كـمـا يَـقـول الـطَّـبـري " وقَـدْ أدَّيْـنَـاهُ (الـخَـبَـر) إِلَـيْـكَ كَـمَـا أُدِّيَ إِلَـيْـنَـا"                                                                        
ب- أصـل الـكِـتـابـة الـعـربـيـة مـن خـلال الـنُّـقـوش الأثَـريـة.

لـم تـبـدَأ الـبُـحـوث الأثـريـة حـوْل هـذا الـمَـوضـوع إلاّ فـي الـقـرن الـتـاسِـع عَـشـر الـمِـيـلادي. و مـن خـلال الـدراسـات الَّـتـي أُجـريَـت نـجـد أنّ بـلاد الـعـرب عـرفـت نـوعـيْـن مُـتـبـايـِنـيْـن مـن الـكِـتـابـة. الأول يُـعْـرَفَ بـِ "الـخَـطِّ الـجَـنُـوبـي" و الـثـانـي يُـعْـرَفُ بـِ"الْـخَـطِّ الـشَّـمـالـي". فـمـا هـي الـمُـمـيِّـزات الـخـاصـة لـكـلٍّ مِـنـهـمـا؟ و مـن مـنـهـمـا هـو أصـل لـلـكِـتـابـة الـعـربـيـة؟                                                                                        

الْـخَـطُّ الـجَـنُـوبـي: خَـصَـائِـصُـهُ و مُـمَـيِّـزَاتُـهُ.


هـو مَـجـموعـة مـن الـخُـطـوط المُـتـشـابـِهـة. أشـهـرهـا هـو الـخـط الْـحِـمْـيَـرِي. و هـو خـط اسـتـعـمـلـه سـكـان جـنـوب بـلاد الـعـرب لأكـثـر مـن ألـف سـنـة فـي الـيـمـن وغـرب عُـمـان وجـنـوب الـسـعـوديـة حـالـيـا. أمـا خَـصـائـصـه فـيُـمـكـن إجـمـالـهـا فـيـمـا يـلـي:           
1- حُـروفـه مُـنـفـصِـلـة غـيـر مُـتَّـصِـلـة: أَيْ أنَّ كـلـمـة "مُـحَـمَّـد" فـي هـذه الـكِـتـابة سـتـكـون هـكذا"م ح م د". إنّ هـذا الانفصال فـي الـحـروف يـطـرَح مُـشـكِـلة كَـبـيرة بـحـيْـث لا نـعـرِف أيْـن تـبـتـدأُ الـكـلـمـة و لا أيْـن تـنـتـهـي. و فـي فَـتـرات لاحِـقة بـدؤوا يـضَـعـون خـطا مائلا ( / ) حـتـى يـفـصِـلـوا بـيْـن كَـلـمـة و أُخْـرى.                                                   
2- حـرف الـراء هـو الـحـرف الـوَحـيـد الَّـذي يُـشـبـه الـحُـروف الـعـربـيـة الـحـالـيـة. و هـو شـيء يـجـعَـلـنـا نـفـهَـم مـا يُـقَـالُ و لا نـفـهَـم مـا يُـكْـتَـبَ.(امـرئ الـقـيـس مـثـلا)
3- لـيْـس لـهـذا الـخـطِّ اتِّجـاه واحـد فـي الـكِـتـابـة. فـهـو يُـكْـتَـبُ مـن الـيـمـيـن إلـى الـيـسـار وعـنـد الـرُّجـوع إلـى الـسـطـر يـخـتـلـف اتِّـجـاه الـكِـتـابـة لـيُــصْـبـِـحَ مـن الـيـسـار إلـى الـيـمـيـن. و فـي بـعـض الـنُّـقـوش نـجـد اتِّـجـاه الـكـتـابـة مـن الأعـلـى نـحـو الأسـفـل. وكـل هـذا صـعـب الـقـبـول كـأصـل للـكِـتـابـة الـعـربـيـة.                                       
4- فـي هـذه الـلـغـة نـجـد جـمـع الـمُـذكَّـر و الـمُـؤنَّـث الـسالـمـيْـن و كـذلك جـمْع الـتَّـكـسـير. و هـو شـيء مُـطـابـق للـعـربـيـة.
5- الـخـط الـحِـمْـيَـري يـتـكـوَّن مـن 29 حـرفـا  تُـكْـتَــبُ فـيـه الـصَّـوامِـتُ بـدون الـحـركـات الـقَـصـيـرة.
6- فـي هـذه الـكِـتـابـة يـظـهَـر وزن " أَفْـعَـلَ " الـحـالـي عـلـى وزن "هَـفْـعَـلَ" أيْ بـدلا مـن " أَخْـرَجَ " نـجـد " هَـخْـرَجَ " و هـذا يَـعـنـي أنّ هـذه الـلُّـغـة تـأثَّـرتْ بـالـعِـبْـرِيـة و الإثـيـوبـيـة.
و عـنـد انهيار سـد " مَـأْرِب" فـي الـيـمن, هاجَـر الـنـاس, عـلـى شـكـل مَـوجات بـشـرية, إلـى شَـمال بـلاد الـعـرب. و قـد استقر جـزء كَـبـيـر مـنـهم فـي يَـثْـرِبِ (الـمَـديـنة).
الـمـؤرِّخ الـكَـبـيـر ابـن خـلـدون الَّـذي زار هـذه الـمَـنـطـقـة خِـلال رِحـلـتـه شـرقـا و غـربا (1354 /1355م ) يـقـول " كَـانَ بـالِـغـا مَـبْـلَـغَـهُ مِـنَ الإحْـكَـامِ و الإتْـقـانِ و الْـجَـوْدَةِ فـي دَوْلَـةِ  الـتَّـبَـابـِعَـةِ لِـمَـا بَـلَـغَـتْـهُ مِـنَ الـحَـضـارة وَ الـتَّـرَفِ و هـو الـمُـسَـمَّـى بـالـخَـطِّ الـحِـمْـيَـري"    
 نـخـلُـص إلـى الـقـوْل إنّ الـدراسـات الـعـلـمـيـة الأثـريـة, استنادا عـلـى الـخَـصـائـص الَّـتـي ذكـرنـاهـا, تـسـتـبـعـد أنْ يـكـون الـخـط الـجـنـوبـي أصـلا للـكِـتـابـة الـعـربـيـة.

  الـخَـطُّ الـشَّـمَـالِـي: خَـصَـائِـصُـهُ و مُـمَـيِّـزَاتُـهُ.

كـان شـمـال الـجَـزيـرة الـعـربـيـة مُـرتـبـِطـا بـالـحَـضـارات الـمُـجـاوِرة ( الـعـراق/مـصـر/ الـشـام) و انـتـشـرت بـه مَـجـمـوعـة مـن الـلُّـغـات و الـخُـطـوط كـلـها مـن أصـل سـامـي مـثـل الـعِـبْـريـة و الآرامِـيـة و الـسُّـرْيـانـيـة و الـنَّـبَـطـيـة. و هـذان الأخـيـران سـنـتـوقَّـف عـنـدهـمـا  بـشـيء مـن الـتَّـفـصـيـل.                                                                                      
 بـيْـن الـسُّـريـانـيـة و الـعـربـيـة

لـكـونـهـمـا مـن نـفـس الـمَـجـمـوعـة الـلُّـغـويـة، يـوجـد تـشـابُـه كَـبـيـر بـيْـن هـاتـيْـن الـلُّـغـتـيْـن. و بـمـا أنّ مـا يـهـمـنـا فـي هـذا الـبـحـث هـي الـخَـصـائِـص الـمُـشـتـرَكـة بـيْـن الـخـطـيْـن، فـإنَّـنـا سـنـتـوقَّـف قَـلـيـلا عـنـدهـا لِـنـجـد:                                       
1- كـلُّ حـرف فـي الـسُّـريـانـيـة لـه ثـلاثـة أشـكـال مُـخـتـلِـفـة قَـلـيـلا فـي الـكِـتـابـة حـسـب مَـوقِـعـه فـي أوَّل، وسـط أو آخِـر الـكـلـمـة. و هـو نـفـس الـشـيء فـي الـعـربـيـة.
2- حُـروف: الـدال و الـراء و الألـف و الـواو ( د/ر/ا/و ) لا تـرتـبـط مـن جِـهـة الـيـسـار بـبـاقـي الـحـروف. نـفـس الـشـيء نـجـده فـي الـعـربـيـة.
3- حـرف الـبـاء و الـجـيـم و الـدال و الـكـاف و الـنـون و الـعـيـن و الـفـاء و الـصـاد, تُـكْـتَـبُ بـنـفـس الـطَّـريـقـة فـي الـخـطـيْـن.
4- بـاقـي الـحُـروف فـي الـخـطـيْـن تـخـتـلـف تـمـامـا عـن بـعـضـهـا.
هـنـاك مـن الـقُـدامـى مـن لاحـظ شِـدة الـشـبـه بـيْـن الـخـطـيْـن. فـهـذا الـبَـلاَذِري فـي " فُـتُـوح الـبُـلْـدَان" ق3 ص 579 يـقُـول:" إِنَّ الـقَـلَـمَ الـعَـرَبـِي الـشَّـمَـالِـي قَـدْ قِـيـسَ عَـلَـى هِـجَـاءِ الـسُّـرْيَـانِـيِّـةِ". وَ إذا كـان الـبـلاذري فـي هـذه الـمُـلاحـظـة لا يـنـطـلِـق مـن أيـة حُـمـولـة إيـديـولـوجـيـة, فـإن الـبـاحِـثـيـن الـمُـحـدثـيـن، خُـصـوصـا بـاحِـثـو الـقـرن الـتـاسـع عـشـر، يـتـوقَّـفـون عـنـد نـفـس الاستنتاج لأسـبـاب إيـديـولـوجـيـة محضة، أولـهـا ارتباط الـسـريـانـيـة بـالـمَـسـيـحـيـة. و هـم بـالـتـالـي يـرفُـضـون الـبـحـث فـي الآرامـيـة و فَـصـيـلـهـا الـنـبـطـي.                                                                                        

بـيْـن الـنَّـبَـطِـيَّـة و الـعـربـيـة

الـنـبـطـيـة كَـخـط يـنـحـدِر مـن الـكِـتـابـة الآرامـيـة فـهـو قـد تـطـوَّر مـنـهـا فـي الـقـرن الـثـانـي قـبـل الـمِـيـلاد. و فـي الـقـرن الأول قـبـل الـمِـيـلاد بـدأ يـسـتـقـلُّ بـنـفـسـه و يـأخُـذ مـمـيِّـزاتـه الـخـاصـة بـه. مـن خـلال الـنُـقـوش الأثـريـة الـنـبـطـية الَّـتـي تَـزيـد عـلـى ثـلاثـة آلاف نـقـش نـسـتـخـلـص الـمـمـيِّـزات الآتـيـة:                                                 
1- الـنـبـطـيـة تُـكْـتَـبُ دائـمـا مـن الـيـمـيـن إلـى الـيـسـار مـثـل الـعـربـيـة.
2- الـنـبـطـيـة فـيـهـا إثـنـان و عِـشـرون حـرفـا كـلـهـا مَـوجـودة فـي الـعـربـيـة كـذلـك.
3- الـحُـروف الـمُـتَّـصِـلة وغـيـر الـمـتـصـلة مـن جِـهة الـيـسار هـي نـفـسـها فـي الـكـتـابـتـيْـن.
4- الألـف فـي بـعـض الأسـمـاء و الـكـلـمـات تـسـقُـط و لا تُـكْـتَـبُ فـنـجـد مـثـلا: "حـرث" بـدَلا مـن "حـارث". نـفـس الـظـاهـرة مَـوجـودة فـي الـعـربـيـة.
5- تـاء الـثَّـأنـيـث الـمـربـوطـة تُـكْـتَـبُ مَـبـسـوطـة: أي "زوجـت" بـدلا مـن "زوجـة". نـفـس الـظـاهـرة نـجـدهـا فـي الـعـربـيـة.
6- غِـيـاب نُـقـط الإعـجـام فـحـروف مـثـل: بـ / تـ / ثـ / نـ / يـ  تُـكْـتَـبُ بـدون نُـقـط  و هـو شـيء نـجـده فـي الـعـربـيـة.
7- حـرف لا (لام ألف) غـيـر مَـوجـود فـي الـنـبـطـيـة. فـي الـعـربـيـة تـأخَّـر كَـثـيـرا ظُـهـور هـذا الـحـرف.
8- الـتَّـعـريـف بـ "اَلْـ " مَـوجـود فـي الـنـبـطـيـة و الـعـربـيـة.
كـل هـذه الـخَـصـائـص الـمُـشـتـركَـة بـيْـن الـكـتـابـتـيْـن جـعَـلـت بـعـض الـمـتـخـصِّـصـيـن يـعـتـبـرون أنّ الـكِـتـابـة الـنـبـطـيـة هـي أصـل للـكِـتـابـة الـعـربـيـة. فـهـذا الأسـتـاذ يَـحْـيَـى خَـلِـيـل نَـامَـه  يـقـول : " الـخـط الـعـربـي هـو آخِـر حَـلَـقـة فـي تـطـوُّر الـخـط الـنـبـطـي" و نـفـس الـفِـكـرة تَـقـريـبـا يـعـبَّـر عـنـهـا مَـحْـمُـود فَـهْـمِـي حِـجَـازِي  بـقـولـه إنَّ الأنـبـاط " أوَّل شـعـب عـربـي كـتَـب و هـو أوَّل مـن عـلّـم بـاقـي الـعـرب الـكِـتـابـة". و قـبْـل أنْ نَـمُـرَّ إلـى دِراسـة الـنُّـقـوش الأثـريـة الـعـربـيـة, لاَبُـدَّ أنْ نـتـوقَّـف قَـلـيـلا لـنـتـعـرَّف عـلـى الأَنْـبَـاط.    
    
 مـن هـم الأنـبـاط؟

الأنـبـاط هـم عـرب رُحَّـل عـاشـوا فـي جَـنـوب الـعـراق و جَـنـوب سُـوريـا و فـي شَـمـال الـسَّـعـوديـة، و فـي الأردن و فـلـسـطـيـن و شـبـه جَـزيـرة سـيـنـاء. احـتـرفـوا الـزِراعـة و الـتِّـجـارة لـكـونـهـم فـي مُـلـتـقـى الـطُّـرق الـتـجـاريـة الـعـالـمـيـة فـي ذلـك الـوقـت و الَّـتـي سـيْـطـروا عـلـيـهـا تَـمـامـا ابتداء مـن مُـنـتَـصـف الـقـرن الـرابـِع قـبـل الـمِـيـلاد. و مـا بـيْـن الـقـرن الـثـانـي قـبـل الـمِـيـلاد و الـقـرن الـثـانـي بـعـد الـمِـيـلاد ( أربـعـة قُـرون) كـانـت لـهـم دولـة قَـويـة جـدا سـيْـطـرت عـلـى طُـرق الـقَـوافِـل الـقـادِمـة مـن صَـنْـعَـاء و مَـكَّـة و يَـثْـرِب ( الـمَـديـنـة) و كـذلـك مـن الـعـراق. وحَـكَـمـت مَـدَائِـن صَـالِـح و دِمَـشْـق. بَـنَـتْ مَـدِيـنـة الـبَـتْـرَاء. و قـد حـافَـظ هـذا الـشـعـب عـلـى رَوابـِط قـويـة مـع عـرب الـجَـزيـرة. و إنْ كـنـا غـيـر مـتـأكِّـديـن مـن أنَّ الأنـبـاط هـم حـقـا مـن بَـنَـى مَـديـنـة بـابـِل فـإنَّـنـا مُـتـأكِّـدون مـن أنَّـهـم هـم الَّـذيـن بَـنَـوا أَرْوَعَ مِـعـمـار عـربـي  عـلـى الإطـلاق و هـو مَـدِيـنـة " الْـبَـتْـرَاء " و هـي مَـديـنـة تُـوجـد فـي الأردن, سَـبـعـيـن كِـيـلـومـتـرا جَـنـوب الـبـحـر الـمَـيَّـت, و هـي عِـبـارة عـن مَـديـنـة مَـنـحـوتَـة داخِـل جـبـل. و قـد تـحـدّث الـقـرآن عـنـهـم وعـن مَـديـنـتـهـم فـي سـورة 26 (الـشُّـعَـراء) آيـة 149 و عـاب عـلـيْـهـم كَـثـرة الـتَّـرَف بـقـولـه: " وَ تَـنْـحِـتُـونَ مِـنَ الـجِـبَـالِ بُـيُـوتًـا فَـرِهِـيـنَ " أيْ دُونَ الـحـاجـة إلـيْـهـا و لـكـن فـقـط بـِدافِـع الافتخار. و مـنهـم قـوْم الـنـبـي هُـود و صـالِـح الـمَـذكـوريـن فـي الـقـرآن. إنّ مُـمـارَسـة الأنـبـاط للـتِّـجـارة الَّـتـي تـحـتـاج إلـى تَـسـجـيـل الـبـيْـع و الـشـراء و الـقُـروض، و تَـأسـيـس دُوَل تـحـتـاج إلـى دَفـاتِـر و سِـجـلات للـمَـداخـيـل و الـمَـصـاريـف و الـقـوانـيـن، بـالإضـافـة إلـى مُـخـالَـطـة شُـعـوب مُـتـقـدِّمَـة، كـلُّ هـذا سـاعَـد هـذا الـشـعـب الـعـربـي لـكـي يـكُـون بـحـق أوَّل شـعـب عـربـي كَـتـب فـي شَـمـال الـجَـزيـرة.                                                            
إنّ كـلَّ مـا رأَيْـنـاه مـن تـشـابُـه، يـصـل حـد الـتـطـابـق، بـيـن الـكِـتـابـة الـنـبـطـيـة و الـعـربـيـة، تـعـزِّزه الـنُّـقـوش الأثـريـة الـعـربـيـة الَّـتـي هـي مَـوضـوع الـفـقـرة الـتـالِـيـة.        

 الـنُّـقُـوشُ الـعَـرَبـيـة قـبْـل الإِسـْلام.

وصـلـتْـنـا مَـجـموعـة مـن الـنُّـقـوش الـعـربـيـة مـن الـقـرن الـسـادس الـمِـيـلادي أغـلـبـهـا مـن جَـنـوب سُـوريـا. و فـي هـذا الـدرْس سـنـتـطـرَّق إلـى 1= نـقْـش زَبَـد, 2= نـقْـش أَسِـيـس. 3= نـقْـش حَـرَّان. 4= نـقْـش أُمّ الـجِـمـال الـثـانِـي. آخِـذيـن فـي ذلـك الاعتبار الـكـرونـولـوجـي.

-  نـقْـش زَبَـد (أُنْـظُـر الـلَّـوْحة الـمُـرافِـقـة)
يـرجِـع إلـى سـنـة 512م و زَبَـد هـي مَـنـطـقـة تُـوجـد جَـنـوب شَـرْق حَـلَـب. و هـو عِـبـارة عـن سـطـر واحـدٍ كُـتِـبَ عـلـى جِـدار واجِـهـة كَـنـيـسـة مَـسـيـحـيـة ( أُنْـظُـرْ الـنـقْـش فـي الـلَّـوحـة الـمُـرافِـقـة) و قـد جـاء فـيـه:" ...ر الالـه سـرحـو بـر ا مـع مـنـفـو و هـلـيـا بـرمـر الـقـس/// و سـرحـو بـر سـعـدو و سـتـرو سـريـحـو..." هـذا الـسـطـر يـحـتـوي عـلـى مَـجـمـوعـة مـن الأسـمـاء الـشـخـصـيـة هـي ربَّـمـا لـمـن بَـنَـوْا أو أمَـروا بـبـنـاء الـكَـنـيـسـة.                     

- نَـقْـش أَسِـيـس (أُنْـظُـرْ الـلَّـوحـة الـمُـرافِـقـة)
يَـعـود إلـى سـنـة 528م و أَسِـيـس هـو جَـبَـلٌ عـلـى بُـعْـدِ مِـئة كِـيـلـومـتـر جَـنـوب شَـرق دِمَـشْـق. و هـو عِـبارة عـن نـص عـربـي صَـغـيـر مـن أربـعـة أسـطـر قَـصـيـرة. و قـد جـاء فـيـه: " ابـراهـيـم بـن مـغـيـرة الأوسـي أرسـلـنـي الـحـارث الـمـلـك عـلـى سـلـيـمـان مـسـيـلـحـة سـنـة 423" الـنـص واضِـح جـدا و قِـراءتـه سَـهـلـة أيـضـا و كـل الأسـمـاء و الـوَقـائـع الَّـتـي يـذكُـرهـا مَـعـروفـة فـي تـاريـخ سُـوريـا.                                                          

- نَـقْـش حَـرَّان (أُنْـظُـرْ الـلَّـوحـة الـمُـرافِـقـة)
يَـعـود إلـى سـنـة 568م. و حَـرَّان هـي مَـركـز حَـضـاري مُـهـم جـدّا فـي جَـنـوب تـركـيـا. و قـد وُجِـدَ هـذا الـنـص فـي حُـطـام كَـنـيـسـة  و قـد جـاء فـيـه " ..نـا شـرحـيـل بـن طـلـمـو بـنـيـت ذا الـمـرطـول سـنـت 463 بـعـد مـفـسـد خـيـبـر / خـبـر بـعـام"                                                                          
                                                                          
- نَـقْـش أُمّ الْـجِـمـال الـثـانـي (أُنْـظُـرْ الـلَّـوحـة الـمُـرافِـقـة)
هـو نـقْـش يـعـود إلـى أوائـل الـقـرن الـسـادِس الـمِـيـلادي و هـو مَـكـتـوب  عـلـى الـجـزء الأسـفـل مـن سـاريـة كَـنـيـسـة تُـوجـد فـي "حُـورَان" جَـنوب سُـوريا. و هـو نـص صـعـب الـقِـراءة  و قـد جـاء فـيـه: " الله غـفـرا لالـيـه بـن عـبـيـده كـاتـب الـعـبـيـد أعـلـى بـنـى عـمـرى تـنـبّـه عـنـه مـن (يـقـرؤه)."

  مـن خـلال مُـقـارنـة الـنُـقـوش الأربـعـة الَّـتـي عـرضـنـاهـا، و أُخـرى لـم نـعـرِضـهـا، انتهى الـعُـلـمـاء إلـى خُـلاصـات يُـمـكـن إجـمـالـهـا فـيـمـا يـلـي:
1- تـشـابُـه الـحُـروف فـي هـذه الـنُّـقـوش و تِـكْـرَارُهـا. مـع كـون بـعـضـهـا يُـشـبـه الـنـبـطـيـة أكـثـر مـن الـعـربـيـة.
2- كـل الـحُـروف الـعـربـيـة مَـوجـودة فـي هـذه الـنُّـقـوش بـاسـتـثـنـاء الـزاي و الـصـاد.
3- نـفـس الـحُـروف الـمُـتَّـصـلة و الـمُـنـفـصِـلة مـن جـهة الـيـسار فـي الـنـبـطـية و الـعـربـية.
4- الـحُـروف الـتـالـية: ب / ج / ح / ل / ن / ط، هـي نـفـسـها فـي الـكِـتـابة الـنـبـطـية.
5- الـحُـروف الـتـالـية: د / هـ / س / ش / ر / ت، هـي أكـثـر تـطـوُّرا فـي الـكِـتابة الـعـربـية.
6- غِـيـاب نُـقـط الإعـجـام تـمـامـا كـمـا هـو الـحـال فـي الـنـبـطـيـة.
7- الألـف الـطَّـويـلـة فـي بـعـض الأسـمـاء و الـكـلـمـات لا تُـكْـتَـبُ فـي الـلـغـتـيْـن, هـكـذا نـجـد: حـرث / ابـرهـيـم / بـعـم, بـدلا مـن: حـارث / ابـراهـيـم / بـعـام.

 خُـلاصـة عـامـة


يُـمـكـنـنـا الـقـوْل إنّ الـكِـتـابـة الـعـربـيـة، حـسـب الـنـصـوص و الـدِّراسات الـمُـتـوفَّـرة، لا تـنـحـدِر مـن الـخـط الـجـنـوبـي بـل مـن الـخـط الـشـمـالـي. و لـيـس مـن الـسـريـانـيـة بـل مـن الـنـبـطـيـة الَّـتـي هـي فَـرْع مُـتـطـوِّر مـن الآرامـيـة.                                              

                                            
ثـانـيـا: الـكِـتَـابَـة فـي الـمَـرحـلـة الإسـلامـيـة 610 / 661.

فـي الـمَـرحـلـة الإسـلامِـيـة سـوف تـعـرِف الـكِـتـابـة الـعـربـيـة تَـطـوُّرا مَـلـحـوظـا مـن حـيْـث الـكـم و الـكـيْـف. فـي عـرضـنـا هـذا سـوف نـتـوقَّـف عـنـد كـل فـتـرة مـع ذكْـر تـطـوُّراتـهـا و كـذا الـعَـوامِـل الَّـتـي أدَّت إلـيْـهـا.

أ- قُـبَـيْـل الإسـلام.

 كـانـت الـكِـتـابـة تُـعْـتـَـبَـرُ تَـرَفًـا فـي مُـجـتـمَـع تـغـلُـب عـلـيـه الـبَـداوة و الـتِّـرحـال. لـكـن الـمَـنـاطِـق الَّـتـي كـانـت تَـمُـرُّ مـنـهـا الـتِّـجـارة كـانـت تـعـرِف الـكِـتـابـة. فـإذا أخـذنـا مَـكَّـة كـمَـركـز تِـجاري نـجـد أنّـه كـانـت لـها أحـلاف و اتِّـفـاقـيات مَـكـتـوبة مـع الـقَـبـائل و الـمُـدن الَّـتـي كـانـت تَـمُـرُّ مـنـهـا الـقَـوافِـل. إضـافـة إلـى ذلـك فـإنَّ الـعـمـلـيات الـتِّـجـارية مـن بـيْـع و شِـراء و رَهْـن و قَـرْض تـتـطـلَّـب الـتَّـدويـن الـكِـتـابـي و الـمُـحـافَـظـة عـلـى الـسِّـجـِلاَّت. و هـنـاك دَلائِـل كَـثـيـرة عـلـى تـعـاطـي الـكِـتـابـة فـي هـذه الـفـتـرة:                            
1- حِـلْـف الـفُـضُـول و حِـلْـف أَكَـلَـة الـدَّم كـانـا مَـكـتـوبـيْـن.
2- الـمُـعـلَّـقـات الـسَّـبـع أو الـعَـشْـر، و هـي قَـصـائـد طَـويـلـة, كـانـت مَـكـتـوبـة و مُـعـلَّـقـة عـلـى سِـتـار الـكـعـبـة.
3- فـي مَـكَّـة كـان الـعَـبـيـد، و مـا أكـثـرهـم  يـحـمِـلـون مـعـهـم ورقـة الـمِـلـكـية أو الـحُـرية.
4- وُجـود مَـجـمـوعـة مـن الـمَـسـيـحـيـيـن و الـيـهـود الـعـرب كـانـوا يـكـتُـبـون بـلُـغـات مُـتـعـدِّدة مـنـهـا الـعـربـيـة.
5- فـي مَـكَّـة قُـبَـيْـل الإسـلام كـان هـنـاك فـقـط سـبـعـة عـشـر رجـلا يـعـرِفـون الـكِـتـابـة و الـقِـراءة. عـشـرة مـنـهـم أصـبـحـوا مـن أوائـل الـمُـسـلـمـيـن و هـاجَـروا فـيـمـا بـعـد إلـى يَـثْـرِب (الـمَـدِيـنـة). وأيـضـا سـبـع نـسـاء حـسـب الـبَـلاَذِري فـي "فُـتُـوح الـبُـلْـدان" ق 3 ص 580

ب - ظُـهـور الإسْـلام: الـفَـتْـرَة الـنَّـبَـويـة ( 610 / 632 ).

يـعـتـبـر ظُـهـور الإسـلام شـيء بـالِـغ الأهـمـيـة فـي كَـثـرة و تـطـوُّر الـمَـكـتـوب بـالـعـربـيـة. فـمـن سـنـة 610 بـِدايـة نُـزول الـوحـي / الـقـرآن إلـى سـنـة 622 تـاريـخ الـهـجـرة إلـى يـثـرب (الـمَـديـنـة) نـزَلـت حـوالـي سـت و ثـمـانـيـن سُـورةً مـن الـقـرآن مـن أصـل مِـئـة وأربـعـة عـشـر سُـورةً. أي 4613 آيـة . هـذا يَـعـنـي أنَّ أكـثـر مـن نـصـف الـقـرآن نـزل بـمَـكَّـة. و بـمـا أنَّ نـبـي الإسـلام لـم يـكُـن يـقـرَأ و يـكـتُـب، فـإنَّـه كـان يـسـتـعـيـن بـ "كُـتَّـاب الـوَحْـي" الَّـذيـن تـعـدَّدوا مـنـذ الأيـام الأولـى لـبـِدايـة نُـزول الـوحـي. و هـذه الـكِـتـابـة كـانـت تُـثـيـر فُـضـول الـمُـسـلـمـيـن و غـيْـرهـم لأنـهـا لأوَّل مـرة يـحـصُـل فـيـهـا الـعـربـي عـلـى "كِـتـاب" مـن أصْـل سـمـاوي.                                                                               
فـي الـفَـتـرة الـمـدنـيـة لـلإسـلام سـيـسـتـمـرُّ نُـزول الـقـرآن مـتـفـرِّقـا و سـيَـزداد عـدد "كُـتَّـابُ الْـوَحْـي" مـن أنـصـار و مُـهـاجِـريـن. و سـيـبـلُـغ عـدد الـسُّـوَر الـمـدنـيـة 28 سُـورةً و هـي مـن أطـول الـسُّـوَر. أي 1623 آيـة لـيـصـل مُـجـمَـل آيـات الـقـرآن إلـى 6236. و مـن خـلال الأخـبـار الـتـاريـخـيـة الّـتـي وصـلـتـنـا نـعـرِف أنَّ عـددا كَـبـيـرا مـن الـصَّـحـابة, أوَّلُـهـم "عبـد الله بـن مَسْـعُـود", كـانـوا حَـريـصـيـن عـلـى جـمـع الـقـرآن بـشـكِـل شَـخـصـي و أنَّ نـبـي الإسـلام قـبـل وفـاتـه راجَـع مـع بـعـضـهـم الـنـسـخ الـمَـكـتـوبـة الَّـتـي كـانـوا يـمـلِـكـونـهـا. يـبـقـى أنْ نـعـرِف أنَّ الـقـرآن حـتـى وفـاة رسـول الإسـلام لـم يـكـن مَـجـمـوعـا عـلـى شـكـل كِـتـاب بـيْـن دفـتـيْـن، ولـكـنـه كـان مجزأ و مَـكـتـوبـا عـلـى جُـلُـود الـحـيـوانـات و الـخـشـب و الـعِـظـام وغـيْـرهـا مـن الـمَـواد الـبـِدائـيـة.                                                                 
وتـبـقـى الـفَـتـرة الـنـبـويـة بـحـق فـتـرة تـوفـرتْ فـيـهـا عِـدَّة عَـوامِـل سـاعـدتْ عـلـى كَـثـرة الـمَـكـتـوب نـذكُـر مـنـهـا 1=الـقـرآن, 2= الـحَـديـث, و 3= تـصـرُّفـات رسـول الإسـلام.

 الـقـرآن: صَـحـيـح أنَّ الـوحـي كـان شَـفـويـا و لـم يـكـن كِـتـابـيـا. وقـد كـان كـذلـك مـن   جِـهـة احتراما للـطَّـبـيـعـة الـخـاصـة للـرسـول الَّـذي لـم يـكـن بـعـرِف الـقِـراءة و الـكِـتـابـة و مـن أُخـرى احتراما للـثَّـقـافـة الـعـربـيـة الـشـفـويـة. لـكـن تَـدويـنـه كِـتـابـةً و بـسُـرعـة كـان يـتـم أوَّلا بـأوَّل. و فـي الـقـرآن نـفـسـه نـجـد آيـات تـرفَـع مـن قِـيـمـة الـكِـتـابـة و الـمَـكـتـوب. و أشـهـر آيـة تـتـحـدَّث عـن تَـقـيـيـد الـمُـعـامـلات الـتـجـاريـة كِـتـابـة، هـي أطـول آيـة فـي الـقـرآن و هـي الآيـة 282 مـن سـورة الـبـقـرة . تـقـول الآيـة: " يَـا أيُّـهَـا الَّـذِيـنَ آمَـنُـوا إِذَا تَـدَايَـنْـتُـمْ بـِدَيْـنِ إِلَـى أَجَـلِ مُـسَـمًّـى فَـاكْـتُـبُـوهُ. وَلْـيَـكْـتُـبْ بَـيْـنَـكُـمْ كَـاتِـبٌ بـالْـعَـدْل. وَلاَ يَـأْبَ كَـاتِـبٌ أَنْ يَـكْـتُـبَ كَـمَـا عَـلَّـمَـهُ الله فَـلْـيَـكْـتُـبْ. وَ لْـيُـمْـلِـلِ الَّـذِي عَـلَـيْـهِ الْـحَـقُّ و لْـيَـتَّـقِ اللهَ رَبَّـهُ، وَلاَ يَـبْـخَـسْ مِـنْـهُ شَـيْءً. فَـإنْ كَـانَ الَّـذِي عَـلَـيْـهِ الْـحَـقُّ سَـفِـيـهًـا أَوْ ضَـعِـيـفـًا أَوْ لاَ يَـسْـتَـطِـيـعُ أنْ يُـمِـلَّ هُـوَ فَـلْـيُـمْـلِـلْ وَلِـيُّـهُ بـالْـعَـدْلِ. وَاسْـتَـشْـهِـدُوا شَـهِـيـدَيْـنِ مِـنْ رِجَـالِـكُـمْ. فَـإِنْ لَـمْ يَـكُـونَـا رَجُـلَـيْـنِ فَـرَجُـلٌ وَامْـرَأَتَـانِ مِـمَّـنْ تَـرْضَـوْنَ مِـنَ الـشُّـهَـداءِ أَنْ تَـضِـلَّ إحْـدَاهُـمَـا فَـتُـذَكِّـرَ إِحْـدَاهُـمَـا الأُخْـرَى. وَلاَ يَـأْبَ الـشُّـهَـدَاءُ إذَا مَـا دُعُـوا. وَلاَ تَـسْـأَمُـوا أنْ تَـكْـتُـبُـوهُ صَـغِـيـرًا أَوْ كَـبـِيـرًا إِلَـى أَجَـلِـهِ. ذَلِـكُـمْ أَقْـسَـطُ عِـنْـدَ الله وَ أَقْـوَمُ لِلـشَّـهَـادَةِ وَأَدْنَـى ألاَّ تَـرْتَـابُـوا. إلاَّ أنْ تَـكُـونَ تِـجَـارَةً حَـاضِـرَةً تُـدِيـرُونَـهَـا بـيْـنـكـم فَـلَـيْـسَ عـلـيْـكـم جُـنـاحٌ ألاَّ تَـكْـتُـبُـوهـَا. وَأَشْـهِـدُوا إِذَا تَـبَـايَـعْـتُـمْ. وَلاَ يُـضَـارَّ كَـاتِـبٌ وَلاَ شَـهِـيـدٌ. و َإنْ تَـفْـعَـلُـوا فَـإِنَّـهُ فُـسُـوقٌ بـِكُـمْ. وَاتَّـقُـوا اللهَ. وَ يُـعَـلَّـمُـكُـمُ اللهُ. وَاللهُ بِـكُـلِّ شَـيْءٍ عَـلِـيـمٌ."                       
 فـهْـم هـذه الآيـة فـي سِـيـاقـهـا الـلُـغـوي( كَـثـرة استـعـمـال فِـعـل الأمـر بـمُـخـتـلـف أشـكـالـه) و سِـيـاقـهـا الـمُـجـتـمـعـي ( مـجـتـمَـع تِـجـاري) الـحَـقـيـقـيـيْـن يُـظـهـر مـدى أهـمـيـتـهـا فـي انـتـشـار الـكِـتـابـة.                                                             

- الـحَـدِيـثُ الـنَّـبَـوِيُّ: إلـى جـانِـب الـقـرآن، سـاهَـم الـحَـديـث الـنـبـوي ( أَقْـوَالُ رَسُـول الإِسْـلام) بـقـدْر كَـبـيـر فـي كـثـرة الـكِـتـابـة و تـطـوُّرهـا. فـالـحـديـث هـو إمّـا أمـر بـشـيء أو نـهـي عـنـه، أو وَصِـيّـة، أو شـرْح و تَـفـصـيـل للـقـرآن. وهـو بـهـذا الـمَـعـنـى جـزء مـن الـدِّيـن اهـتـمَّ بـه الـمُـسـلـمـون كَـثِـيـرا و لـكـن بـشـكـل أقـلَّ مـن اهتمامهم بـالـقـرآن فـي هـذه الـفـتـرة. و نـجـد أَحـاديـث كَـثـيـرةً تَـحُـثُّ عـلـى الـكِـتـابـة.                                   
فـي الـبـدايـة نَـهَـى رسـول الإسـلام عـن كِـتـابـة الـحَـدِيـث مـع الـقـرآن بـدَلـيـل الـحـدِيـث الَّـذي يـقُـول فـيـه " مَـنْ كَـتَـبَ عَـنِّـي شَـيْءً غَـيْـرَ الْـقُـرْآنِ فَـلْـيَـمْـحُـهُ". إلاَّ أنّـه أثـنـاء اسـتـمـاعـه لـشَـكـوى أحـد أصـحـابـه كـان كَـثـيـرا مـا يـنـسـى مـا يـسـمَـعـه مـنـه، يـقـول لـه " استعن بِـيُـمْـنَـاكَ عَـلَـى ذَاكِـرَتِـكَ" أيْ أُكـتُـبْ حـتَّـى لاَ تَـنْـسَـى. هـذا الـحَـديـث يُـعْـتَـبَـرُ نَـسْـخـًا لـحَـديـث الـنـهـي الـسـابـِق و إذْنـا صَـريـحـا بـجَـواز تَـدويـن الـحَـديـث كِـتـابـة. هـذا مـا يـفـسِّـر وجـود "صُـحُـف" كـتـبـهـا الـصَّـحـابـة، مـن أمـثـال "عـبـد الله بـن عَـمْـرو بـن الـعـاص" و "عـبد الله بن عُـمَـر" و "عَـلِـي بـن أبـي طـالِـب"...، فـي بـعـضـهـا أكـثـر مـن ألـف حَـديـث.                                                                                          
و هـنـاك حَـديـث يـقُـول فـيـه رسـول الإسـلام " قَـيِّـدُو الْـعِـلْـمَ بـالْـكِـتَـابِ " بـمَـعـنـى اكـتُـبـوا الـعِـلـم واجْـعَـلُـوه فـي الـكُـتُـب. و فـي حَـديـث آخَـر يُـوصـي و يـأمُـر كُـلَّ الـمُـسـلـمـين بـكِـتـابة "الـوَصِـيَّـة"                                                                             

- تَـصَـرُّفَـاتُ رَسُـولِ الإِسْـلاَمِ: إضـافـة إلـى الـقُـرآن و الـحَـديـث تُـعْـتَـبَـرُ تـصـرُّفـات الـنـبـي نَـمـوذجـا للـمُـسـلـم. و نـجـد فـي الـكَـثـيـر مـن هـذه الـتـصـرُّفـات دَعْـوَةٌ غـيـر مُـبـاشِـرة للـكِـتـابـة و تـعـلُّـمـهـا و تـدويـن الْـعُـهـود و الـمَـواثـيـق. و مـن الـتـصـرُّفـات الَّـتي نـعـرِفـهـا: 
- صَـحـيـفة الـمَـديـنة: كـتـبـها الـنـبـي بـِمُـجَـرَّدِ وُصـوله إلـى "الـمَـديـنة" لـتَـنـظـيـم الـعـلاقـة بـيْـن الـمُـسـلـمـيـن و الـيـهـود والـعـرب غـيـر الـمُـسـلـمـيـن.
- فِـدَاءُ أَسْـرَى بَـدْر: خـلال مَـعـركـة "بَـدْر" وَقَـعَ الـكَـثـيـر مـن الـقُـرَشِـيِّـيـن فـي الأسْـر. و مـن أجـل تَـحـريـرهـم، أمـر الـنـبـي كُـلَّ أَسِـيـر بـتَـعـلـيـم عَـشَـرَةٍ مـن الـمُـسـلـمـيـن الـكِـتـابـة و الـقِـراءة. و قـد كـانـت الأسـبـقـيـة للأطْـفـال و للـنـسـاء.
- كِـتـابـة عُـهـود الـصُّـلـح: كـان الـنـبـي حَـريـصا عـلـى تَـدويـن كـلِّ الـعـقـود الَّـتـي يـوقِّـعـهـا مـع الـقَـبـائـل. و يـبـقـى أشـهـر صُـلْـحٍ هـو صُـلْـح الـحُـدَيْـبـيـة و كـان مَـكـتـوبـا.
- الـمُـراسَـلات: احـتـفـظـت لـنـا كُـتُـب الـتـاريـخ بـمَـجـمـوعـة مـن الـرسـائـل أرسـلـهـا الـنـبـي إلـى بـعـض زُعَـمـاء الـقَـبـائـل و بـعـض رُؤَسـاء الـدول (مـصـر/ الـحـبـشـة) و إلـى إِمْـبـراطـوريتي بـِيـزَنْـطَـة وَفَـارِسَ .( أُنْـظُـرْ الـلَّـوْحـة الـمُـرافِـقـة)                                
- سِـجـلاَّت الـزَّكـاة: كـانت عِـبـارة عـن أوراق أو أَلْـواح تُـسَـجَّـلُ فـيـها مُـسـتـحـقَّـات قَـابـِضـي الـزَّكـاة.

نـخـلُـص إلـى الـقـوْل إنّ مـا كُـتِـبَ فـي الـعـهـد الـنـبـوي ربَّـمـا يـفُـوق بـكَـثـيـر مـا كـتَـبـه الـعـرب مـن قـبْـلُ. و لا شـكّ أنَّ كَـثـرة الـكِـتـابـة تـؤدِّي إلـى تـطـور الـكِـتـابـة و هـي نُـقـطـة سـنـعُـود إلـيْـهـا بـعـد الـتـطـرُّق إلـى الـعـصـر الـراشـدي.                                        

ت - ظُـهـور الإسْـلام: الـعَـصْـر الـرَّاشِـدي ( 632 / 661 م ).
الـعَـصـر الـراشـدي هـي فَـتـرة تـمـتـدُّ مـن وَفـاة رسـول الإسـلام إلـى مَـقـتَـل الـخَـلـيـفـة الـرابـِع عـلـي بـن أبـي طـالِـب. و عـلـى الـرغـم مـن قِـصَـرِ هـذه الـفـتـرة, ثـلاثـيـن سـنة فـقـط, فـإنَّـهـا تُـعْـتَـبَـرُ استمرارا للـفـتـرة الـسـابـِقـة فـيـمـا يـخُـصُّ كـثـرة الـكِـتـابـة و انـتـشـار الـمَـكـتـوب. و نـظَـرا لأهـمـيـة هـذه الـفَـتـرة فـإنّـنـا سـنـدرُس فَـتـرة كـلِّ خَـلـيـفـة عـلـى حِـدة.             

- عَـهْـد أبـي بـكـر ( 632 / 634 م)

لـعـل أهـم مـا مـيَّـز عـهـد أبـي بـكـر هـو مُـحـاوَلـته، بـإلـحاح مـن عـمـر بـن الـخـطَّاب، جـمْـع الـقـرآن و جـعْـله فـي كِـتاب واحـد، بـدل تـركِه مُـتـفـرِّقا فـي الألـواح و الـصَّـحـائـف و الـجُـلـود و قُـشُـور الـشَّـجـر. عـمـلـية جـمْع الـقـرآن هـذه قـد تـمَّـت بـالـفِـعـل لـكـنّـهـا لـم تـكـتـمل و لـم تُـنـتـج قـرآنـا عـلـى شـكْـل كِـتـاب. كـلَّ الـعـمل الَّـذي قـامـت بـه تـلـك الـلَّـجـنة تـم تَـسـلـيـمه إلـى "حَـفْـصَـة" زَوْجـة الـنـبـي. و سـبـب هـذا الـتـوقُّـف تُـرجـعـه كـل الـمَـصـادِر إلـى تـراجُـع أبـي بـكـر عـن الـفـكـرة. لـكـن الـفِـكـرة فـي حـدّ ذاتِـهـا يُـمـكـن اعتبارها تـطـوُّرا كَـبـيـرا فـي الـثَّـقـافَـة الـعـربـية و تـطـوُّر الـكِـتـابـة.                                                     

- عَـهْـدُ عُـمَـر بـن الْـخَـطَّـاب ( 634 / 644 م )

إنّ تـوسُّـع الـرقـعة الـجـغـرافـية للـدوْلة الإسـلامـية فـي عـهـد عُـمَـر، و احتكاك الـمُـسـلـمـين بـدوَل جـد مُـنـظَّـمـة، إضـافـة إلـى شَـخـصـيـتـه الـمُـبـدِعـة، فـرضـا عـلـيـه تـحـديـا كَـبـيـرا: هـو تَـنـظـيـم الـدَوْلـة الإسـلامـيـة. وهـكـذا أسَّـس عـمـر الإدارات و الـدَّواويـن مـثـل دِيـوان الـجُـنـد، و دِيـوان الـقـضـاء، و دِيـوان الـعـطـاء، دِيـوان الـبـريـد... و فـرَض الـسِّـجـلاَّت عـلـى كـلِّ إدارة خـلـقـهـا. إنَّ تَـنـظـيـم دوْلـة تُـسـيـطـر عـلـى كـل الـجَـزيـرة الـعـربـيـة و الـعـراق و سُـوريـا و الأردن وفـلـسـطـيـن ولـبـنـان و مـصـر و إيـران... و تُـسـيـطـر عـلـى أغـلـب الـطـرق الـتِّـجـارية, وهـي بـلا شـك أغـنـى دولة فـي الـعـالَم فـي تـلـك الـفَـتـرة, هـو شـيء سـيُـعـطـي كَـثـرة الـكِـتـابـة.                                                                                 

-    عَـهْـدُ عُـثـمـان بـن عَـفَّـان (644 / 656 م):

    - مِـنَ الـقُـرآن إلـى الـمُـصْـحَـف.

لـعـل أهـمَّ مـا يـمـيِّـز عـهـد عُـثـمـان هـو أنـه عـرف أكـبـر عَـمـلـيـة تَـدويـن عـرفـهـا الـعـرب حـتـى ذلـك الـتـاريـخ. لـيْـس مـن حـيْـث الـكـم و لـكـن مـن حـيْـث الـنَّـتـائـج الَّـتـي سـتُـسـفـر عـنـهـا هـذه الـعـمـلـيـة.       &



 
  زكرياء قاسم وعلي(بروكسيل - بلجيكا) (2009-03-09)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

تاريخ الـكِـتـابـة الـعـربـيـة
الـفـصـل الأوَّل-زكرياء  قاسم وعلي(بروكسيل -  بلجيكا)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia